أدركت أن الأمر ليس مجرد نقاب فالشخصية تظهر ملامحها حتى و ان أخفينا الظاهر . المشكلة كتلك الصورة فالفراشة ليست فى يدها و هذا ليس بيدها فعذرا لمن كبلها بقيود حديدية. و فى كل مرة أتألم و أسأل : لماذا حدث منذ البداية فهذا عقلى الذى فكر و قرر ؟ فأسفا على نفسى عند موافقتها و عند رفضها و عند صمتها و حديثها فالقد سئمتها و سئمت سخف المواقف فالصراع أصبح بين الخيال و الواقع بين الموجود و اللاموجود ليصعب القرار تحت كل الظروف فاللاموجود فى خيالى ينتظر و يتلذذ بتعذيبى و رؤية قرارى على انها قد تكون محنة فكيف ستحل التلميذة فى امتحان لم تذاكر له من قبل الا مرة فى العمر و حينها تسأل نفسها لماذا دائما ينتظر الخيال بصمت رهيب و أين محنته منها ؟ أين غيرته من الواقع فالأمر مختلف بالنسبة لى عنه
ألم يكن هذا مبرر الخيال يوما انه مباح له قدر فى فعل ما لا يفعله الواقع فهو الأقوى ؟ ألم تمنحه القوة قدرة لأن يرتقى الى منزلة الوجود ؟ أم انه سيظل فى دائرة اللاموجود ؟ ليفرض الواقع نفسه و حينها سيبرر الخيال انه القدر و لكن هذا حجة الضعف الكامن فى المواجهة سامحك الله يا خيالى فالقد أفسدت على واقعى حينما فضلت المكوث فى خانة الانتظار لتخالف الواقع بمنتهى الألم و تجعلنى أواجه المواقف دون نجدة منك فانت فى الداخل دون الظاهر ! و كيف تكون هذه الحياة فهى تكاد تقترب الى الجنون
فتذكرت المقولة التى تقول أن حزنت فجأة فاعلم أن هناك من يفتقدك فحزنه لافتقادك وصلك فجعلك تحزن مثله
حاولت أن ألقى بكل المقولات و أبعد عن نفسى الأوهام و لكن ... لماذا حدث كل ذلك فى وقت المغيب ؟
لماذا حدث كل ذلك عندما شرعت الشمس فى المغيب ؟!ا هل هذا لتقارب الحالة ؟ حالة المغيب و الافتقاد لماذا حدث كل هذا ؟!ا لماذا أبوح ان شىء حدث ؟ ان شىء افتقده و لا أستطيع تحديد الافتقاد ان شىء حزينه عليه و منه ان شىء كنت أتمنى فعله و لكن لا يمكن فعله لماذا أصبحنا فى هذا الحالة ؟ لماذا فتحت شىء لسماعه كى يؤلمنى بافتقاد الحنين لماذا و ماذا نريد من كلماتنا و حالتنا هل نريد النسيان فالماذا ن ت ف ق د الكلمات؟!ا هل نريد الوصال فالماذا أذن ن ف ت ق د الكلمات ؟!ا لماذا حدث كل ذلك عند المغيب فتمنيت للحظة أن أكون وحيدة بلا بشر تمنيت أن أكون بلا عمل و بلا شىء و شعرت أننى أضعف شىء فتقوقعت و اختفيت فى نفسى كما يختفى قرص الشمس فى البحر
مهنة التدريس ترغم العاملين بها على معرفة التاريخ و كتابته أكثر من مرة . انه الطبيعى لأى أنسان أن يعلم كيف تسير أيامه و ما هى تواريخه و لكن الغريب فى هذه المهنة أن كتابة تاريخ اليوم شىء أساسى و عدم كتابته يعد تقصيرا يقلل من أعداد المعلم حتى و لو كان ممتازا . فهل نحن كما يعتقد فيثاغورث أن حياتنا مجمل أرقام فنستطيع أن نرى من الرقم عدة أرقام و نواتج أخرى فنرى فى التاريخ تواريخ أخرى
فتذكرت كل ما حدث فى عام أمسكت الورقة و القلم لآرى مراحل مضت منها ما هو مستمر و ما هو منقطع فوجدت سلسلة قدرية عجيبة
عام مر كأعوام كثيرة
عام طويل ملىء بأحداث و مواقف جديدة سواء حزينة أو مفرحة على جميع الأصعدة
عام ملىء بصعود و هبوط
ملىء بأنجازات , تنقلات , خبرات , مشاعر ملىء بتطور ذاتى , نفسى , عقلى , علمى , وجدانى , أخلاقى و دينى تطور لم يكن مخطط له مثلما حدث و لكنها سلسلة قدرية عجيبة تجذب أحداثها و تطوراتها بعضها لست حزينة على ذلك العام
لاننى لم أكد اتصور ان كل ذلك يحدث فى عام ؟
فمعظم خبراته كانت جديدة حتى لو كانت بعضها حزينة و دراماتيكية الا انها جديدة
و من كل جديد نتألم أحيانا و لكننا نتعلم و سرعان ما نفرح
فسبحان الله و الحمد لله و لا اله الا الله
...................................... و بمناسبة العام فهناك قصيدة منقولة وجدتها أمامى فأعجبتنى بعنوان
"أحتاج منك ألف عام"
احتاج منك الف عام كي اعلن لك عن عشقي والف عام اخري لاقنع الوالي اني عشقي ليس سياسة وان السوط مهما كتب لن يكون اقسي من حرف هجر او لحظة فراق حبيبتي استحالة ان ابدلك بغيرك فانا لا اؤمن بالتعدد باخلاق المزاد لا اؤمن الا بالعذراء مرة واحدة في العمر لا اؤمن الا بالمشنقة بشرط ان يكون شعرك هو حبلها لا اؤمن الا بالاسر بشرط ان تكون عينيك هي سحرها لا اؤمن الا بالجلد بشرط ان تكون يديك هي سياطها حقيقا لو تعلمين كم اشتاق اليك اكثر من العطر للورد واكثر من الرضيع للام فلا تبارزيني بسيف ورمح فانا مخدوع حتي اخمص قدمي ...........................................................
ثم لأجد بعد "احتاج منك ألف عام " "مضى زمانك سيدى"ا
مضى زمانك سيدي فلعلك إن مضيتَ تُريح وتستريح
فما بك عاد الفؤادُ متيماً وتشرينية الأوراق إليك مشاعري تاه الخطوُ منها في مهب الريح
سلمت يداك إذضيعت قلبي وكان يغفو فرحاً ظناً بها أمن الملاذ ويستريح رحم الله الحب بفضلك سيدي فما عاد منه سوى ضريح
وما درى بالقسوةِ ُمُتَهمي أني العمر صبرتُ على حبٍ كسيح بسذاجةِ الدنيا لزلاتك كنتُ غافرةً وقلبي وقد ظن أنك الأمل سميح أوهمتَ سمعي بلحن حبك شادياً وغالط عيني قلبي وإذ رأت فيك كل غدرٍ صريح
ضاقت علي دنياك تحاصرني والكون من بعدك مع نجوم الليل والقمر فسيح قتلتني اعذاراً
وفاق ذنوبك كل عذرٍ قبيح صممت اذانك عن انات روحي وأكاد الان أسمع خلجات نفسك بعين الانات تصيح فامض عمرك أرقاً كما أمضيت عمري بليالٍ للأبد طالت
وقل لي كيف يكون فرش الأشواك بليالي الخواء مريح جرحتني باسم الهوى وهو منك براء فاحذر فإن أخطرها مخالب الأسد الجريح فامض الان سيدي غير اسفةً عليك فزمانك لدي قد مضى فلعلك إن مضيت تريح وتستريح
أجمع جميع من شاهد العروسين على طيبة قلوبهم . فتذكرت " الطيبون للطيبات و الخبيثون للخبيثات " . لأشاهد قصة أخرى فى ذهنى . انها ليست خيالية بل واقعية مثالية و قد يعرفها الجميع و لكن من يعمل بها ؟! . أين هذا الأب الذى يبحث لابنه أو بنته عن زوج أو زوجة تقية فيركز على معانى التقوى لا غيرها من أى اعتبارات شخصية ؟ و أين هذا العريس الذى يبحث عن تحقيق التقوى لا التشدق بها فينفذها دونا عن غيرها من أى اعتبارات شخصية بل لتكون التقوى فى النفس فوق أى اعتبارات الشخصية و راحة ظاهرة و لذلك سميت تقوى و لو لم تكن التقوى فوق راحتنا لم تكن لتسمى تقوى و لنرى تلك المعانى بصدق فى هذه القصة الرائعة :
دخل أحد الأشخاص الطيبين ذات يوم إلى مزرعة مر عليها و كان جائعا متعبا فشدته نفسه لأن يأكل و بدأت المعدة تقرقر فأطلق عينيه في الأشجار فرأى تفاحة فمد يده إليه ثم أكل نصفها بحفظ الله و راعيته ثم شرب من ماء نهر بجانب المزرعة ، لكن انتبه بعد ذلك من غفلته بسبب الجوع و قال لنفسه : و يحك كيف تأكل من ثمار غيرك دون استئذان و أقسم ألا يرحل حتى يدرك صاحب المزرعة يطلب منه أن يحلل له ما أكل من هذه التفاحة فبحث حتى وجد داره فطرق عليه الباب فلما خرج صاحب المزرعة استفسر عن ما يريد .. قال صاحبنا .. دخلت بستانك الذي بجوار النهر و أخذت هذه التفاحة و أكلت نصفها ثم تذكرت أنها ليست لي و أريد منك أن تعذرني في أكلها و أن تسامحني عن هذا الخطأ فقال الرجل : لا أسامحك و لا أسمح لك أبدا إلا بشرط واحد فقال صاحبنا و هو (ثابت بن النعمان ) : و ما هو هذا الشرط؟قال صاحب المزرعة : أن تتزوج ابنتي ، قال ثابت : أتزوجها ، قال الرجل : و لكن انتبه إن ابنتي عمياء لا تبصر ، وخرساء لا تتكلم و صماء لا تسمع و بدأ ثابت بن النعمان يفكر و يقدر – أنعم بها من ورطة – ماذا يفعل ؟ ثم علم أن الإبتلاء بهذه المرأة و شأنها و تربيتها و خدمتها خير من أن يأكل الصديد في جهنم جزاء ما أكله من التفاحة و ما الأيام و ما الدنيا إلا معدودات ، فقبل الزواج على مضض و هو يحتسب الأجر و الثواب من الله رب العالمين . وجاء يوم الزفاف و قد غلب الهم على صاحبنا : كيف ادخل على امرأة لا تتكلم و لا تبصر و لا تسمع فاضطرب حاله و تمنى أن لو تبتلعه الأرض قبل هذه الحادثة و لكنه توكل على الله و قال (لا حول ولا قوة إلا بالله إن لله و إنا إليه راجعون ) و دخل عليها يوم الزفاف فإذا بهذه المرأة تقوم إليه و تقول له السلام عليك ورحمة الله و بركاته فلما نظر إليهاتذكر ما يتخيله عن الحور العين في الجنة . قال بعد صمت ما هذا ؟ إنها تتكلم و تسمع و تبصر فأخبرها بما قال عنها أبوها قالت : صدق أبي و لم يكذب ، قال اصدقيني الخبر قالت أبي قال أنني خرساء لأنني لم أتكلم بكلمة حرام و لا تكلمت مع رجل لا يحل لي .. و أنني صماء لأنني ما جلست في مجلس فيه غيبة و نميمة و لغو .. و أنني عمياء لأنني لم أنظر إلى أي رجل لا يحل لي ..
فالننظر و نعتبر بحال هذا الرجل التقي و هذه المرأة التقية و كيف جمع الله بينهما
حقا هذه القصة فوق أى تصورات منطقية لنعلم أن " و من يتق الله يجعل له مخرجا " . التقوى هى الحل . رأى الرجل أن الحل فى التقوى و أن يصبر على ابتلاء هذا الزواج الذى لا يقبله أحد بهذه المواصفات . فهذا زواج ليست مشاكله نابعة من غير الزوجة فيخفف على نفسه القدر بل نابعة من الزوجة نفسه و هذا ابتلاء أشد وقعا على النفس و لكن يكون الجزاء من جنس العمل فيكافؤه الله على تقواه و صبره على الابتلاء و عدم هروبه منه . .
ثم تذهب عينى فى سلسلة متناغمة مفعمة بالحب تارة و من الأسى على فقدان تلك المعانى الراقية فى زخم الحسابات الشخصية و المادية فى هذا الزمن تارة أخرة الى هذه الأنشودة الجميلة التى وقعت أمام عينى قدرا على هذا الرابط :